6 فوائد صحية مثبتة علمياً للعناق
العناق ليس مجرد تعبير عاطفي بسيط، بل هو نوع من التواصل البشري الذي يمتلك فوائد صحية مثبتة علمياً. مع تطور الأبحاث النفسية والعصبية، أصبح من الواضح أن العناق يساهم في تحسين الصحة العامة بطريقة قد تكون مفاجئة للبعض. على الرغم من أنه يُنظر إليه غالبًا على أنه مجرد تعبير عن الحب والمودة، إلا أن العناق يمتلك تأثيرات عميقة على الجسم والعقل. في هذا المقال، سنتناول ست فوائد صحية مثبتة علمياً للعناق وكيف يمكن أن يعزز هذا الفعل البسيط من رفاهية الفرد وصحته.
1. تقليل مستويات التوتر والقلق
من أبرز الفوائد الصحية للعناق هو دوره الفعال في تقليل مستويات التوتر والقلق. يرتبط العناق بإفراز هرمون الأوكسيتوسين في الدماغ، وهو الهرمون المسؤول عن تعزيز مشاعر السعادة والارتياح. يُعرف الأوكسيتوسين باسم “هرمون الحب”، حيث يسهم في تقليل مستويات الكورتيزول، الذي يُعد هرمون التوتر الرئيسي في الجسم.
أظهرت العديد من الدراسات أن الأشخاص الذين يتلقون عناقاً بشكل منتظم يتمتعون بمستويات أقل من التوتر مقارنة بمن لا يتلقون هذا النوع من التواصل الجسدي. على سبيل المثال، في دراسة أجراها باحثون في جامعة “كايسي ويسترن ريزيرف”، تم مراقبة مستويات الكورتيزول في دم المشاركين قبل وبعد تعرضهم للتواصل الجسدي. أظهرت النتائج أن العناق ساعد بشكل كبير في تقليل مستويات الكورتيزول، مما يساهم في تحسين الصحة العقلية بشكل عام.
2. تعزيز الصحة القلبية
العناق له تأثيرات إيجابية على الصحة القلبية، وهو ما أكدته الأبحاث الحديثة. يُعتبر العناق بمثابة تمرين خفيف يمكن أن يعزز الدورة الدموية ويخفض ضغط الدم. الدراسات أظهرت أن العناق يمكن أن يساعد في تقليل الضغط الدموي، خاصة في حالات التوتر المرتفعة.
في دراسة أجراها المعهد الوطني للصحة في الولايات المتحدة، تم مراقبة تفاعل الأفراد مع أصدقائهم وأفراد عائلاتهم في مواقف مرهقة. أظهرت النتائج أن الأشخاص الذين تلقوا العناق أظهروا استجابة أفضل لمواقف الضغط مقارنة بأولئك الذين لم يتلقوا عناقاً. العناق يؤدي إلى اتساع الأوعية الدموية، مما يسهل تدفق الدم ويقلل من خطر الإصابة بالأمراض القلبية.
3. تقوية الجهاز المناعي
من الفوائد الصحية غير المتوقعة للعناق هو دوره في تقوية جهاز المناعة. تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يتلقون العناق بانتظام يملكون نظامًا مناعيًّا أقوى، مما يجعلهم أقل عرضة للإصابة بالأمراض المعدية. هذا التأثير يعود إلى الزيادة في مستويات الأوكسيتوسين الذي يُحفز إنتاج خلايا الدم البيضاء، المسؤولة عن مكافحة الالتهابات والأمراض.
وجد الباحثون أن الأشخاص الذين يتعرضون للتلامس الجسدي مثل العناق، تكون أجسامهم أكثر قدرة على مقاومة الفيروسات والتعامل معها بشكل فعال. على سبيل المثال، أظهرت دراسة نُشرت في مجلة “Psychosomatic Medicine” أن الأشخاص الذين تعرضوا للعناق كانوا أقل عرضة للإصابة بالزكام بعد تعرضهم للفيروس مقارنة بأولئك الذين لم يتلقوا العناق.
4. تحسين المزاج والحد من الاكتئاب
تعتبر الصحة النفسية أحد أكبر المجالات التي يساهم فيها العناق بشكل فعال. تشير الدراسات إلى أن العناق يمكن أن يساهم في تحسين المزاج وتقليل مشاعر الاكتئاب. على الرغم من أن العناق ليس بديلاً للعلاج الطبي للأمراض النفسية، إلا أنه يعد وسيلة فعالة لتخفيف الأعراض المرتبطة بالاكتئاب والقلق.
تُظهر الأبحاث أن العناق يساعد في زيادة إنتاج السيروتونين والدوبامين، وهما من المواد الكيميائية في الدماغ التي تلعب دورًا مهمًا في تحسين المزاج والتقليل من الشعور بالحزن أو اليأس. في دراسة نشرتها مجلة “Emotion”، أُثبت أن الأشخاص الذين تلقوا عناقاً من أحبائهم في أوقات الضغوط النفسية كانوا أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب مقارنة بمن لم يتلقوا الدعم العاطفي نفسه.
5. تعزيز العلاقة بين الأفراد
لا يمكن إنكار أن العناق يعزز الروابط الاجتماعية والعاطفية بين الأفراد. إن التلامس الجسدي مثل العناق يساهم في بناء وتعزيز الثقة بين الأشخاص، سواء كانوا في علاقة رومانسية أو في علاقة عائلية أو صداقة. العناق هو وسيلة لتبادل الحب والدعم بين الأفراد، مما يساعد في بناء روابط قوية وطويلة الأمد.
العناق يعد وسيلة لتعبير عن الحب والمودة بطرق غير لفظية، وهو ما يُعتبر غالباً أساسًا في تقوية العلاقة بين الزوجين أو الأصدقاء. تشير الدراسات إلى أن التلامس الجسدي يخلق شعوراً بالانتماء والأمان، وهو أمر مهم في أي نوع من العلاقات. في دراسة أجرتها جامعة “كاليفورنيا”، تم ملاحظة أن الأزواج الذين يعبرون عن حبهم بشكل غير لفظي من خلال العناق كانوا أكثر سعادة وأقل عرضة للمشاكل الزوجية مقارنة بالأزواج الذين لم يتواصلوا جسدياً بنفس الطريقة.
6. تحسين النوم
النوم هو أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر بشكل كبير على الصحة العامة، ويمكن للعناق أن يسهم في تحسين جودة النوم. من المعروف أن العناق يساعد في إفراز الأوكسيتوسين، الذي يعزز الاسترخاء ويساعد في تهدئة الجهاز العصبي، مما يجعل من السهل الدخول في حالة من الراحة العميقة.
تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يتلقون العناق قبل النوم ينامون بشكل أفضل، حيث يساهم التلامس الجسدي في تقليل مستويات القلق والتوتر. في دراسة أجرتها جامعة “ديلاوير”، أظهرت النتائج أن الأشخاص الذين كانوا يعانقون شركاءهم قبل النوم قد شهدوا تحسنًا ملحوظًا في جودة نومهم مقارنة بمن لم يتلقوا العناق. العناق يساهم أيضًا في تقليل الأرق وتحفيز الجسم على إنتاج الميلاتونين، الهرمون المسؤول عن تنظيم النوم.
الخاتمة
العناق ليس مجرد فعل عاطفي بل هو أداة قوية تعزز الصحة الجسدية والنفسية. الفوائد الصحية التي يقدمها العناق تتجاوز ما يعتقده العديد من الأشخاص، حيث تشير الأبحاث إلى أنه يمكن أن يقلل من التوتر، يعزز صحة القلب، يقوي الجهاز المناعي، يحسن المزاج، يعزز الروابط الاجتماعية، ويحسن جودة النوم. مع هذه الفوائد المتعددة، أصبح من الواضح أن العناق ليس فقط وسيلة للتعبير عن الحب بل هو أيضًا وسيلة لتعزيز الصحة العامة والرفاهية.
